Thursday, May 19, 2005

الى تقلا

أشتاق اليكِ, ويقتلني هذا الفراغ الذي يطوّقني من كلّ الجهات. يعتصرني الألم وصار صدري بركاناً صامتاً وصرت أيّوباً جديد. فكلّ شيءٍ منذ غيابك في سكوتٍ مطبق. وكلّ أيّام حياتي صارت تكراراً مقرفاً وقاتل.ا
انّي لا أحسُّ بشيء. لا ألوان في عالمي الموحش. لا رائحة للفصول ولا طعم لصداقة, أو لعلاقة أو كلام. توقّفت ساعتي على موعد الفراق. فأضحت لحظة الحزن تلك تختصر أحداث حياتي ومشاعري كلَّها.ا
أنا لا أعرف كيف أعيش الان. لست أدري ان كانت هذه اللقطات المتكرِّرة في مسلسل أيَّامي تستحقُّ اسم الحياة أصلاً. أنا هنا, رجلٌ وحيدٌ في دنيا واسعة, لا بل في غابةٍ باردة بعيدة, أينَ منها دفء عالمكِ السّاحر؟ أحتاجكِ بقربي, ففي وجهكِ مُختصرُ كلَّ ما أردتُ أن أحيا بقربه. وفي عواطفك تشتعلُ أحلامي وتُضحي حقائق صافية طاهِرة.ا
انّي لا أعرف الفرح الّا بسماع ضحكتك الطّفوليّة البريئة, تعيد اليَّ كلَّ ما كنتُ أخشى أن أفقده في تراكم الأيّام ومرور السّنين. أعدتِ براءتي, بل أنقذتِ روحي من أن تصير رقماً اخر في عالم الكبار الأسود بجدّيّته, المقفر في فراغه, والمهلكِ في ملله وتصنّعه.ا
متى نعود سويّاً؟ اشتقتُ الى الحياة... لا أريد أن أبقى ميتاً هكذا. لا أريد أن أبقى ضائعاً مشوَّشاً كما أنا. عودي هيّا اشتاقت عيوني لضوء نهارك المشعِّ السّعيد. والعصافير وبيوت القرميد, كما أشجار الصّنوبر والبلّوط البرّي على تلال لبنان بانتظارنا. أحلامنا هناك لمّا تزل بين ربوع تلك الحقول الزَّكيَّة العطِرة, تتنعَّم برائحة تراب أرضنا بعد مطرٍ ربيعيٍّ طويل.ا
ها أنا عائدٌ فلنلتقي هناك. فعيوني قد جفَّت مقائيها منذ زمن, وقلبي قد صار قلبَ كهلٍ في جسد شابّ, وأنا لا أريد أن أضيع شبابي أكثر الّا وأنا في حضنِك الدّافئ النّاعم.ا